أمر الله تعالى رسوله ( بالتواضع، فقال له: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) [الشعراء: 215].
وقد اشتهر عنه ( التواضع، فكان ( يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويعقل الشاة، ويجيب الضعيف والمسكين إلى الطعام [الحاكم]. ومن تواضعه ( أنه كان ينقل التراب يوم الأحزاب، وقد وارى التراب بياض إبطه. [البخاري].
وكان ( إذا سار مع أصحابه لا يسير أمامهم، بل يسير وسطهم أو خلفهم. [أحمد]، وكان ( لا يرد دعوة إنسان، بل كان يقول (: "لو دعيت إلى كراع لأجبت" [الخطيب]. وكان ( لا تغلق دونه لأبواب، ولا يقوم دونه الحجاب، فكان يقوم لكل من أراده، ويقضي حاجة من يطلب منه المساعدة.
وكان من تواضعه ( أنه كان يمر على الصبيان، فيسلم عليهم. ولما دخل ( مكة منتصرًا، دخلها وهو راكب دابته، وذقنه على رحله متخشعًا. [الحاكم]. وكان رسول الله ( إذا استقبله الرجل وصافحه، لا ينـزع يده عن يده، حتى يكون الرجل هو الذي ينـزع، ولا يصرف وجهه عن وجهه، حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له.
[الترمذي وابن ماجة].
وكان من تواضعه ( أنه لا يحب الثناء الكثير عليه، ولا يحب أن يقوم إليه أحد.
شجاعته (:
فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس نحو الصوت، فتلقاهم رسول الله( راجعًا، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عرى، في عنقه السيف، وهو يقول:" لم تراعوا، لم تراعوا، ما وجدت من شيء" [ابن سعد].
وكان الرسول ( أشجع ما يكون في الحرب والقتال، فكان يثبت إذا فرَّ الناس، وقد كان الصحابة يعرفون شجاعة النبي(، بل كانوا يحتمون به وقت الشدة.
كرمه وجوده (:
اشتهر رسول الله ( بالجود والكرم، وما سئل(، فقال لا. [متفق عليه]
وقد امتدح الشاعر الفرزدق النبي ( في كرمه وجوده فقال:
ما قال لا قطُّ إلا في تشهُّده لولا التشهد كانت لاؤه نعمُ
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: ما سئل رسول الله( شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى أهله، فقال: يا قوم، أسلموا، فإن محمدًا( يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة، وإن كان الرجل ليجئ إلى الرسول( وما يريد بذلك إلا الدنيا، فما يمسي حتى يكون دينه أحب إليه من الدنيا وما فيها. [مسلم].
خوفه وخشيته (:
كان رسول الله( شديد الخشية لله، تقول عائشة -رضي الله عنها-: ما رأيت رسول الله ( مستجمعًا قط ضاحكًا، حتى ترى لهواته، إنما كان يتبسم.
وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله ( سورة الإنسان (هل أتى) حتى ختمها، ثم قال: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء، وحقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا لله، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم، بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى، والله إني لوددت أني شجرة تعضد" [الحاكم].
شمائله (:
كان لرسول الله ( بعض المعجزات والبركات، منها تكثير الماء بين يديه (، فقد أوتي ( بإناء فيه ماء، فوضع فيه يده، وجاء الصحابة فتوضئوا منه، وكانوا أكثر من ثلاثمائة، ومنها تكثير اللبن في الإناء كما حدث مع أبي هريرة -رضي الله عنه- وأهل الصُفَّة، وكم من مرة وضع يده على شاة لا تحلب فحلبت، وسيرته في تكثير الماء والطعام من أن تحصى، بل كان الطعام والشراب يسبحان بين يديه (، وقد سمع الصحابة التسبيح.
ولما اتخذ الرسول ( منبرًا، وترك جذع النخلة الذي كان يخطب عليه، حنَّ الجذع إليه، وصاح صياح الصبي حتى تصدع وانشق، فاحتضنه الرسول (.
[أحمد والترمذي].
وقد سبح الحصى في يديه، فسمع الصحابة له صوتا كصوت النحل، ثم وضعه في كف أبي بكر فسبح، ثم في كف عمر، ثم في كف عثمان، فسبح. [الطبراني والبيهقي].
وقد وقف الرسول ( ومعه العشرة المبشرون بالجنة على جبل حراء، ففرح الجبل، فأمره الرسول ( أن يثبت ويهدأ. [البخاري].
ولما دخل الرسول ( مكة عند فتحها، وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا، فأشار إلى كل صنع بعصا، وقال: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) [الإسراء: 81]، فكان كل صنم يسقط دون أن يلمسه الرسول ( بالعصا. [متفق عليه]
وكان للنبي ( معجزات مع الحيوانات، فقد هاج جمل عند حائط من حوائط بني النجار، لا يستطيع أحد أن يمسكه، فجاء النبي (، ونادى الجمل، فأتى إلى الرسول ( وبرك بين يديه. [مسلم]
وجاءه ( جمل، قد جرح، وذرفت عيناه، فمسح رسول الله ( من رأسه إلى سنامه، فسكن الجمل، ثم قال لصاحبه: "أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكتها، إنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه" [أحمد ومسلم].
واشتكى علي بن أبي طالب إلى الرسول ( وجع عينيه، وكان الرسول ( قد أراد أن يعطيه راية خيبر، فبصق رسول الله ( في عينيه، ودعا له، فشفي حتى كأن لم يكن به مرض. [متفق عليه]
خصائصه (:
وقد اختص الله رسوله ( بكثير من الخصائص، أهمها: أن الله قد أخذ الميثاق على النبيين أن يؤمنوا به وينصروه ويبشروا به أممهم، وقد جاء وصف الرسول ( في الكتب السابقة، كما وصف أصحابه أيضا، كما أن الملائكة أظلته في سفره (، وأنه ( أرجع الناس عقلاً، وأنه رأى جبريل -عليه السلام- مرتين.
وخصه بأنه خاتم الأنبياء، وسيد الناس، وأكرم الخلق، وأنه بعث للناس كافة، وأن الجن آمنت به وأنه أرسل رحمة للعالمين، وأن شرعه مؤبد غير منسوخ، وأنه ناسخ لما قبله من الشرائع، وأنه نصر بالرعب مسيرة شهر، وأنه من صلى عليه مرة، صلى الله عليه به عشرا، وأن صلاة أمته تبلغه هو في قبره، وأنه أوتي جوامع الكلم، وجمع الله له القبلتين، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره.
وخصه الله دون الأنبياء بأشياء أهمها: إحلال الغنائم له، والأرض كله مسجد، والتراب طهور، وغير ذلك من الخصائص التي لا تعد ولا تحصى، مما اختص الله سبحانه وتعالى به نبيه